(الجزء السادس)
قال الراوي ) فلما فرغ الزير من كلامه امر الملك الخزندار ان يعطيه الف دينار فعند ذلك سل سيفه الابتر اسرع من لمح البصر وضرب الرعيني على عاتقه خرج من علائقه ثم مال على الطواشيه والخدام بضرب الحسام وبعد ذلك هجم على الخيام **بع الاجام فقتل الرجال ومدد الابطال ووقع في السودان الضجيج والصياح والعويل والنواح فخرجت الابطال من المضارب وركبوا ظهور الجنائب فتقلدوا بالسيوف وهجموا على بني مرة صفوف صفوف وهم لم يعلموا سبب ذلك الويل من شدة سواد الليل غير انهم ظنوا بني مرة قد خدعوهم حتى اتوا معهم الى بلادهم فقتلوا ملكهم وغدروهم فلما رأى جساس ماحل بقومه من السودان استعظم ذلك الشأن فركب جواده وتبعه اجناده واظطر ان يدافع عن نفسه ويحامي عن ابناء نفسه فقاتل تلك الليله حتى استقتل وفعلت رجاله مثلما فعل وكانت ليله مهوله وحادثه غير مأموله كثر فيها القتل والجراح الى وقت الصباح وكان المهلهل لم بلغ القصد والامل بذلك العمل ارسل عبده في الحال الى الاطلاع في طلب الفرسان والابطال وحضروا عند طلوع النهار واحاطوا بالاعادي من اليمين واليسار وحكموا فيهم ضرب السيف البتار واستمر الحرب والصدام بين القوم ثلاثة أيام حتى ابلاهم المهلهل بالويل والدمار وقتل منهم كل بطل مغوار واسد كرار وكان من جملة المقتولين الامير غطاس قائد جيش السودان فلما رأت الجيش ماحل به من الهوان ولت الادبار وأوسعت في جوانب القفار وكذلك انهزم جساس ومن تبعه من الناس وتفرقوا بالفلاة وهم يقصدون النجاة ورجع الزير مع قومه غالبين غانمين ظافرين ودخل القصر بالعز والنصر وصحبته اكابرالقواد الذين عليهم الاعتماد وهم يثنون على المهلهل ويقولون لا عدمنا طلعتك ايها البطل فبسيفك نلن المراد وقهرنا الاعادي والحساد فلا زالت ايامك في سعود وعدوك مقهور ومكمود ثم انه اكلوا الطعام وشربوا المدام وباتوا تلك الليله في سرور وافراح على ذلك الانتصار واما الامير جساس فأنه بات في قلق ووسواس وندم على مافعل وقطع من سلامته الامل ولا سيما لما بلغته الاخبار بأن الاختلاف والان**ار الذي جرى عليهم في الليل والنهار كان بحيلة المهلهل الاسد الكرار فزاد همه وعظم حزنه وغمه فكانت قبائل العرب يطلب منها المساعده على قتال بني تغلب وانظمت عدة قبائل برسم المساعده وصاروا يدا واحده وكذلك انظم مع الزير جملة قبائل مشاهير فحتى لم يبق في بلاد العرب قبيله الا وانضمت مع بني تغلب .
( قال الراوي ) من غريب الاتفاق المستحق التسطير في الاوراق بأن الامير مهلهل حرج ذات يوم في عشرة الاف بطل ومعه الامير كتيف وكان من أشراف تغلب وفرسانه الغضاريف وتبطن في جوانب القفر ليجس أحوال بني بكر فمر في قبيلة من قبائل العرب يقال لهم بنو تميم وهم من فرع تغلب وكانت هذه القبيله ذات خيرات جزيله واجتمع المهلهل بفرسانها وسيدها الامير عمر وقال لهم اركبوا معنا يا نبي تميم لقتال بني بكر فا أبوا وقالوا عن فرد لسان لا نحارب من لم يحاربنا من العربان فقال المهلهل اما شملتكم الحرب لحد الان فقالوا الا يافارس الميدان فقال فوحق الاله الخالق ماكنت اظن انها شملت كل من في المغارب والمشارق ومادام الامر كذلك يوجوه العرب تنحوا عن منازلكم خوفا من حلول الحرب واقصدوا غير هذه الديار مرادنا ان نقاتلهم تحت ستور الاعتكار فأن حاربناهم لا تأمنون على انفسكم من شرهم وأذاهم لانكم فرع من قبيلة بني تغلب فأن تقيمون منكم لهذا السبب فقالوا ما علينا من بئس فانهم يحاربون من يعترض لهم من الناس اغتاض المهلهل من هذا الكلام وكان عليه اشد من ضرب الحسام فتركهم وسار من الاثر بمن معه من العسكر وجد في قطع القفار والتقى بقوم من بني بكر في ذلك الجوار فكبسهم تحت ظلام الليل وابلاهم بالذل والويل فسلبى اموالهم وقتل رجالهم وأخذ رؤوس ساداتهم العظام ورجع في الظلام وطرح الرؤوس بين خيام القوم المعتزلين من بني تميم المذكورين الذين كانوا راقدين ثم تركهم وارتحل وسار على عجل فلما استيقظت بنو تميم من المنام ورأت الرؤوس بين اطناب الخيام فاأيقنوا انها مكيده من المهلهل فزاد بهم الخوف والوجل وعلموا انهم لابد ان العدو يتهمهم في ذلك العمل فنهضوا وارتحلوا من اطلالهم بموشيهم واموالهم وانظموا الى قبيلة تغلب والتجواء بالمهلهل فارس العجم والعرب فلم يبق قبيله من قبائل العربان في ذلك الزمان الا شملتها الحرب والهوان .
( قال الراوي ) ولما عظم الامر على جساس وضاقت به الانفاس فصمد الى العابد نعمان الذي تقدم ذكره قبل الان فوقع عليه وشكا حاله اليه وبكى بين يديه وطلب منه ان يسير بالعجل ويقصد الامير مهلهل ويطلب منه كف الحرب والطعان من الزمان لحينما ترتاح النفوس والقلوب من هول تلك الحرب التي اهلكت الرجال ورملت النساءويتمت الاطفال فلما سمع قوله رق له فسار الى عند المهلهل في الحال وطلب منه ان يكف القتال ولوبرهه قصيره ومده يسيره وذلك لراحه القبيلتين وحير الفريقين فاجابه الى ذلك المرام لانه كان يحبه دون باقي الانام وامر بتوقيف الحرب عن القوم من ذلك اليوم واشتغل المهلهل في تلك الايام بالملاهي وشرب المدام واكل الطعام وسماع الاصوات والانغام ومغازلة النساء في الصباح والمساء وكان جساس يترقب على المهلهل الفرص ليقتله ويزيل ما بقلبه من الغصص فبلغه في بعض الايام ان الزير طريح الفراش في الخيام من كثرة شري المدام وان اخواته قد خرجوا للصيد ولايرجعون الا بعد ثلاثه ايام فجمع اخوته واعلمهم بذلك الخبر واتفق رايهم انه بعد غروب الشمس يركب اخوهم سلطان في جماعه من الفرسان ويكبس سالم الزير على حين غفله ولما كان الليل ركب سلطان في ثلاثه الاف بطل وقصد حي المهلهل ولما صار هناك هجم عليه وهو راقد في الخيمه سكران فاحاطت به الفرسان وقبضوا عليه واوثقوه كتافا ثم نزلوا عليه بالسيوف الى ان اثخنوة بالجراح واتلفوه حتى صار عبره لمن اعتبر وكان دمه يسيل كالمطر فزادت افرحهم وزالت اتراحهم وقالوا لقد بلغنا الارب ورفعنا الحرب عن العرب .
ثم انهم وضعوه في جلد جاموس وخذوة الى عند اخته ضباع وقالوا لها لقد اتيناك بقاتل ولدك فخذيه واشفي منه غليل كبدك فياما قتل ويتم ورمل فما هان عليها ذلك الامر لكنها اظهرت لهم السرور والفرح وقالت ان جزاء الغدار الحرق بالنار ثم تركوها وساروا واما هي فقد احتارت في امرها وزادت احزانها عليها وانه وان قتل ولدها فانه سيد للقبيله ذكرا لايبور على مدى الدهور .
فبينما هي في بحر الافتكار واذا به قد فاق من غشوته وصحى من سكرته وقال وهو على اخر رمق سبحان الحي الدائم ثم صاح يطلب عبده شهوان وهو يظن انه في ذلك المكان فقالت له ضباع قد انتقموا منك أعداك فأصحى فقد ذقت الموت والهلاك فلما رأى ذاته عند أخته وهو على تلك الحال انشد وقال :
قال الزير ابو ليلى المهلهل ونار الحزن توقد في حشاه
فكان كليب ملك البرايا أتى جساس غدره بالفلاه
جلست في مكانه أخذ لثأره وكنت أنعيه صباحا مع مساء
فقال الشيخ كف الحرب عاجل ولاتقتل لسيف ولاقناه
جلست بخيمتي والدن جنبي وعندي العبد ماعندي سواه
وقومي كلهم للصيد راحوا فعرفوا القوم مع باقي العداه
أتوني والمقدر كان كائن وحلى كل مما أن تراه
اتوا بي لعندك يا أخت حتى تنالي الثأر ياغاية مناه
كليني يا ضباع أو أقتليني انا أخوك اذا احتبك القناه
فانتي تشبهي اللبوات حقا واني مشبه سبع الفلاه
فألقيني بصندوق مزفت وأرميني ببحر في مياه
أيا أسما أفعلي انت بأصلك ربيعه بيننا ما غباه
( قال الراوي ) فلما فرغ الزير من كلامه غاب عن الوجود وصار في صفة المفقود وكانت ضباع لما سمعت من أخيها هذا الكلام صار الضيا في عينيها ظلام ثم انها جاءت بصندوق كبير فوضعت فيه سالم الزير وزفتته وطلته بالقار وكان عندها عبدان أمرتهما ان يحملا ذلك الصندوق ويلقياه في البحر فحملاه وسارت هي معهما تحت جنح الظلام الى ان وصلا الى شاطىء البحر فطرحاه هناك في البحر ثم بكت ضباع عندما غاب عنها اخيها ورجعت تنوح من فؤاد أحرقت قلبي بفراقك يا جميل المحامل وفخر الاواخر ثم أنشدت تقول بهذه الابيات :
تقول ضباع من قلب حزين ايا عيني فزيدي في بكاها
كواني البين في أول زماني رماني الدهر في أعظم بلاها
ايا دمعي فزيدي في سخاكي على محزونة فقدت أخاها
لقد كان ملوك البرايا ومن أعلا ملوك الارض جاها
كليب جساس الذي قتله طعنه طعنة برمحه في قفاها
ترك دمه على الارض فاير بحربة مسمعه من السم سقاها
وقام الزير كي يأخذ بثأره فقاتل آل مرة ثم هفاها
لقد قتله سلطان بغدر اثني عشر الف حملة فناها
فقال خذوه الى اخته الحزينه لتأخذ ثار ولدها مع أخيها
فحطيه في صندوق مقفل ومن بني مرة ما يعلم حداها
وقلت له روح ياجمل المحامل ايا عود بيتي انحناها
وقلت قتلته يا فخر قومك ايا حطاما للجائع عشاها
ايا يوما اخذه الموج عاجل وموج البحر يلطم في مداها
فقلت له روح ايا سبع بغاب بيوم الحرب ماتعطي قفاها
وهذا صار في عصر الجليله اله العرش يعدمها صباها
فسر ياريح واخبر اليمامه لتصبح ثم تمسي في بكاها
ثم رجعت الى الحي وصبرت حتى رجعت أخوتها وبني عمها من الصيد فأعلمتهم بتلك القضيه وما حل بالزير وقالت والله انكم بعد المهلهل تتعبون مع جساس فتأسفوا جميعهم عليه وبكوا من فؤاد موجوع ثم ان ضباع كتمت ما فعلت بأخيها وشاع الخبر انها احرقته بالنار وأخذت الثأر ولما شاع الخبر وانتشر بين الناس فرحت بنو مرة وجساس واما أخوة الزير فانهم شقوا ثيابهم من فرط أحزانهم وأخذوا يعددوه ويندبوه بالاشعار ويذكرون ما له من محاسن الآثار وكان أكثرهم حزنا أخوه عدي الذي يقول فيه :
أيا ويلي فدمع العين هلا على الخدين من دمعي صبابه
على فقد الفتى مهلهل أنور العين تدري ما أصابه
غدونا كلنا للصيد عنه وهو جالس كانه سبع غابه
وعند رجوعنا لم نلتقيه فأحرق وسط مهجتنا غيابه
فمن يوم أخيه كليب ولى فلا يسرح ولا يلقى صحابه
وما فارق محله طول عمره ولا نعرف له مده غيابه
مهلهل راح من اولاد مرة وسهم البين ذر لنا غرابه
وبعده كيف عاد يصير فينا لان جساس ماتحمل عذابه
ترى بعده سيمحقنا جميعا يشتتنا ولا يخشى عتابه
ايا أخوتي ماذا نسوي واين نروح من هذه العصابه
تعالى أخي يا درعان قوللي فقلبي والحشا يا أمير ذابه
ايا سراف يا ناصر تعالوا ايا هزوز يا منيه شبابه
ويا حنبل ويا باقي الامارة تعالوا واسمعوا مني الخطابه
تقول الزير ولى وراح منا قتيل ويندفن تحت الترابه
وأما سلطان فقد رجع مسرورا ووقف امام أخيه جساس وأخذ ينشد :
والمهلهل ناصب الخيمه بعيد في وسط البستان له ياحبيب
وحده يسكر بليله والنهار رحت انا اليه من بعد المغيب
في ثلاثة الاف فارس غانمين كل فارس مثل سبع وديب
هجمت عليه يا أخي بالعجل ووقعنا عليه بضرب عجيب
ضربه جساس بالغ بالسيوف حتى صار دمه جاري صبيب
ضربه حتى قطع من النفس وانطرح بلا مسعف ولا حبيب
ثم أخذ لأخته ضباع لتأخذ بثأر ولدها الحبيب
أخذته حرقته بنار ولقته على جمر نار اللهيب
هذا الذي فعلت بعدك ياهمام ياحما البيض في يوم النكيب
( قال الراوي ) فبما انتهى سلطان من كلامه شكره جساس على اهتمامه وقال بارك الله فيك ياهمام فان فعلك هذا يبقى مدى الايام ثم ساروا الى الحي وهم في افراح وسرور وانشراح ولما وصلوا الصيوان جلس جساس في الديوان واجتمعت حوله الابطال والفرسان ثم امر بدق الطبول ونفخ الزمور وعمل وليمه عظيمه لها قدر وقيمه فا جتمع فيها خلق كثير من كل أمير وسيد خطير ورقصت النساء والبنات ودارت بينهم الافراح والمسرات وانشرحت خواطر السادات وكان عندهم ذلك النهار من أعظم الاعياد الكبار .
( قال الراوي ) وكان لما بلغ بنو قيس حقيقة الخبر ان المهلهل مات واندثر غابوا عن الوجود وايقنوا بالموت الاحمر فزادت بليتهم وعظمت مصيبتهم فمهنم من أرتحلوا من الديار وقصدوا الامير جساس وطلبوا منه الامان دون باقي الناس فأعطاهم الامان وجعلهم من جملة الخدم والغلمان ولم يبق عند أخوة الزير الاشراف الا شر ذمه يسيرة وعصبة حقيرة فقصدهم جساس بالابطال ودار بهم من اليمين والشمال فسلموا أمرهم اليه ووقعوا عليه فنهب أموالهم وأخذ نوقهم وجمالهم ثم أشرط عليهم أن لايوقدوا نارا في الليل والنهار ولا يركبوا على ظهور الخيل بل يصيروا مكانهم في الخيام فأجابوه الى ذلك المرام خوفا من الاندثار ونزول الدمار وبعد هذا رجع الى الديار بالفر والاستبشار فعظم شأنه وتأيد بالعز مكانه وسار في مقام عظيم وحكم على السبعه أقاليم .
(قال الراوي ) اما اخوه المهلهل فانهم بعد هذا العمل رحلوا من اطلالهم باولادهم واطفالهم ونزلوا في وادي السعاب وهم يبكي وانتحاب وذل وعذاب وصبروا على حكم رب الارباب
هذا ما جرى لهولاء من العبر واما الزير الاسد الغضنفر فانه لما القته اخته في البحر كما سبق الخبر فقذفته الامواج في البحر العجاج الى ان ساقته التقادير الالهيه الى مدينه بيروت وكان اسمها الخيبريه وملكها يدعى حكمون ابن عزرا وكان من اجل الملوك قدرا واتفق والامر المقدر ان ثمانيه من الصيادين بينما هم يصطادون سمك نظروا ذلك الصندوق في البحر العجاج تلعب فيه الرياح وتقذفه طوارق الامواج فقال احدهم للاخر انظر يا صمويل هذا صندوق يارؤبل
قد ساقه الينا اله اسرئيل ثم انهم قصدوه في الحال وسحبوه الى الشاطي بالحبال وذلك بعد تعب ونكد ما عليه من مزيد فقال رئيس الشختور لباقي الاعوان تعالوا حتى نفسه علينا الان قبل ان نفتحه يااخوان فناخذ كل واحد منا حقه قدر ما يستحقه فاجابه بعض الرجال ما هو مرادك بهذا المقال فقال ان لي النصف ولكم الاخر لاني صاحب الشختور والرئيس الاكبر فقال وحق خمار العذير ما تنال منه شيْ ياشبير ثم وقع بينهم الخصام وتشاتموا بالكلام فضرب احدهم الرئيس
بسكين فقتله وكان للرئيس أخ فضربه القاتل بالمقذاف فجندله وما زالوا يتقاتلون طمعا بالمال حتى قتل منهم عده رجال ولم يسلم سوى رجل واحد واتفق بالامر المقدر ان حكمون كان قد خرج في تلك الساعه مع أكابر دولته للصيد والقنص فمر من ذلك المكان فوجد الصندوق والرجل والقتلى مطروحه على الارض فوقف وسال الصياد عن السبب فاخبره بواقعه الحال فتامل الملك في الصندوق فتعجب من كبره وثقله واراد ان يعرف ما فيه فأمر بحمله الى السريا وارتد راجعا مع باقي رجاله فلما صار هناك امر بفتحه ففتحوه واذا رجل طويل القامه عريض الهامه واسع المنكبين كبير القدمين مثخن بالجراح من ضرب السيوف وطعن الرماح وقال الملك لحواشيه ما وجدتم فيه قالوا ياملك الزمان فيه انسان كانه من عفاريت السيد سليمان له عيون كعيون السباع فلما نظر الملك خاف وارتاع وقال للاتباع كم له من الزمان يا ترى في هذا المكان .
(قال الراوي ) وكان عند هذا الملك حكمون طيب ماهر اسمه شمعون فتقدم الى الزير وهو مطروح وجس زلقومه وعرق الروح فوجده يختلج في اعضائه فقا ل ل الملك ان الرجل في قيد الحياه فقال له هل تقدر ان تشفيه وانا أعطيك ماتشتهي قال نعم يا مولاي ثم نهض على الاقدام وقال بسم الله العلي العظيم فشمر عن زنوده واخذ اسفنجه وبلهل بالماء الخارج ومسح الجروح ووضع المرهم على القروح ثم جاء بالعسل النحل فغلاه وفتح فمه واسقاه وفي برهه قصيره اختلجت اعضاءه وتحركت وفتح عيناه فنظر وتامل في ذلك المحفل فراى جماعه من الرجال صفر الوجوه بسوالف طوال فاعتراه الانذهال وشكر الاله المتعال فقال له حكمون من انت ومن تكون وما هو اسمك ؟فقال اسمي الموحد انا عبد الاله العظيم رب موسى وابرهيم فقال ما هي قصتك وسبب وضعك في هذا الصندوق ؟ فقال كنا اربعه سياس عند الملوك وكنت انا المقدم وعلى الجميع فحسدوني وضربوني ذات يوم بقصد انهم يقتلوني فغبت عن الوجود من الم الضرب ولم ار نفسي الا في هذا المكان .فقال الملك للحكيم خذه الى عندك وداويه با لعلاج حتى يشفي وبعد ذلك احضره الى عندي فا خذه الحكيم الى داره وعالجه مده من الزمان حتى ختمت جراحه وتحسنت احواله فاتى به الى عند الملك ولما دخل سلم عليه وتمثل بين يديه فقال له الملك كيف انت الان يا موحد ؟ فقال له بحسب انظارك الشريفه وقد شفيت وحصلت على دوام العافيه فلله در هذا الحكيم فانه يستحق الانعام والاكرام فمهما انعمت عليه فاني ساعطيك اياه فبتسم الملك من هذا الكلام وانعم على الحكيم ثم التفت الى المهلهل وقال اعلمني بحالك وكيفيه احوالك واشار الملك يقول :
قال ابو ستير حكمون الملك يا موحد استمع مني المقال
هات احكليلي على ما صار فيك ما علمت وما فعلت من الفعال
حتى طعنت يا موحد بالرماح جروحك كثيره بسيوف صقال
يا موحد انت اغليوم مليح قرم فارس خيل ماانت نذل
قوللي عن ذي الجرح كيف صار وما سببهم قول يا سبع الرجال
ثم اعلمني على ما قد اقول يازكي الاصل عن عم وخال
في بلادك اتوك الغانمين يضربون الشور لك معهم مقال
بعد هذا قل لنا عن صنعتك الذي تاكل منها خبزك حلال
فلما فرغ حكمون من مقاله قال له الزير أعلم ايها الملك الجليل صاحب الفضل الجميل ان سألت عن حسبي ونسبي ووظيفة ابي فانه كان ملك من ملوك العربان ثم غدر به الزمان حتى صار يسوس الخيل وانا تبعت مهمته وهذه وظيفتي ومهنتي واشار يقول :